dimanche 19 juin 2016

بحث حول قانون ولاية الأبناء من طرف الفدرالية الرابطة لحقوق المرأة

الولاية على الأبناء

تعد المقتضيات المتعلقة بولاية الأم على الأبناء من أبرز المقتضيات التي مازالت تعكس عدم التوازن بين الزوجين فيما يخص المسؤولية على الأبناء من جهة أولى، والتفاوت الذي يطبع تصور مشرع المدونة لالتزامات الزوجين وحقوقهما ولمصلحة الأطفال من جهة ثانية. فالمادة الرابعة من مدونة الأسرة نصت على أهم مستجد ميز هذا الإصلاح التشريعي وعكس الفلسفة الجديدة التي يتعين أن تتجسد في كافة المقتضيات، بتأكيدها على مسؤولية كل من الزوج والزوجة على قدم المساواة عن الأسرة، غير أن المواد 230 و231 و236 و237 بوأت الأب المرتبة الأولى في الولاية على الأبناء، وهو ما تضفي عليه المادة 236 صبغة القاعدة بنصها على أن الأب هو الولي على أولاده وعلى أنه لا يجرد من ولايته إلا بحكم قضائي. وحتى في حال حصول مانع يمنع الأب من ممارسة ولايته، فإن هذه المادة لا تسمح للأم إلا بالقيام بالمصالح المستعجلة للأبناء. والأدهى من ذلك أن للأب، حسب المادة 237، حق حرمان الأم من الولاية على الأبناء وخرق الترتيب المشار إليه عن طريق تعيين وصي عليهم.
ومما يؤكد أن ولاية الأب على الأبناء قاعدة وحق مطلق له، وأن بإمكانه تفويته للغير ما تنص عليه المادة 238 من تقييد ممارسة الأم للولاية بشروط، منها عدم وجود الأب أو فقدانه لأهليته.
ويتضح من المقتضيات القانونية الخاصة بالولاية في مدونة الأسرة أن هذه المقتضيات تتناقض مع مقتضيات أخرى من قبيل المادة 54 التي ألزمت كلا من الأم والأب، وعلى حد سواء، بضمان حقوق أطفالهم التي نصت عليها، ومنها ما يرتبط ارتباطا مباشرا بأعمال الولاية، والمادة 51 التي تنص على حقوق وواجبات متبادلة بين الزوجين ومنها أساسا عدم انفراد أي منهما باتخاذ قرارات تتعلق بالأطفال ومسؤوليتهما معا عن رعاية شؤون الأبناء، وأنها تشكل نشازا بالنسبة لروح المدونة وانزياحا عن اتجاهها العام، وأن ثمة خللا في التوازن بين حق كل من الأب والأم في الولاية على الأبناء. فإلى أي حد تمكن العمل القضائي من إعادة التوازن بهذا الخصوص بما يحقق فلسفة المدونة وأهدافها وينسجم مع مبدأ المساواة في الحقوق، والذي ترجمته العديد من مواد مدونة الأسرة فضلا عن ديباجتها؟
2ـ العمل القضائي: 
إن بت المحاكم في القضايا المتصلة بالولاية يطبعه على وجه العموم التقيد بحرفية النص وعدم التفاعل الإيجابي مع روحه التي تضع الأسرة تحت مسؤولية الزوجين معا وعلى قدم المساواة بينهما وبعيدا عن روح الدستور في مجال مساواة المرأة والرجل وكذا حرصه على وحدة الأسرة واستقرارها كما ورد في الفصلين 19 و 32 منه.
وعلى هذا النحو، فإن جل محاكم المغرب لا تعتبر الولاية حقا للأم في الحالات التي يكون فيها الأب موجودا، حيث تعتبر الولاية حقا مطلقا للأب. وهكذا فإن ولاية الأب على الأبناء تتقتضي موافقته على تسجيل الأبناء في مدرسة جديدة غير التي كانوا يدرسون فيها في حال وجود خلاف بين الزوجين أو كونهما في مرحلة إنفصال ، وكذلك الشأن بالنسبة للسفر بالأبناء إلى الخارج في حالة طلاق الزوجين تقتضي إذن الأب .
المنع من نقل الأبناء من مؤسسة دراسية إلى أخرى في حال وجود نزاع بين الزوجين بصرف النظر عن الظروف العينية للنازلة، كما تمنع السفر بالابن إلى الخارج ولو من أجل العلاج.
ضياع حقوق الأبناء أحيانا لعدم تمكن الزوجة من مباشرة مصالحهم (التقاضي بشأن حقوقهم نموذجا).ولم نعثر على أحكام قضائية تتعاطى مع النص بما يخدم المساواة بين الأبوين إلا ما انفردت به المحكمة الإدارية بوجدة و المحكمة الابتدائية بالحسيمة و اللتين أصدرتا حكمين ورد ذكرهما في الدراسة التي نشرتها وزارة التضامن و المرأة و الأسرة و التنمية الاجتماعية حول حقوق المرأة الإنسانية تحت عنوان "علامات مضيئة في أحكام القضاء المغربي" " حالة المغرب" ، أنجزتها الأستاذة زهور الحر و الأستاذ حسن إبراهيمي جاء فيها:
بالنسبة للمحكمة الإدراية بوجدة في حكمها الصادر في 2005/09/30 أمر رقم 65 ملف عدد : 34 / 5 س اعتبرت فيه " إن حق التمدرس من حقوق التربية المستمدة من الدستور و أن النزاع بين الأبوين ( أي دستور 96 آنذاك) ليس من شأنه تعطيل هذا الحق أو المساس به . مادامت العلاقة الزوجية قائمة بين الأبوين فإن رفض مدير المؤسسة التعليمية تسليم شهادة المغادرة لوالدة التلميذات بعلة أن والدهن هو الأحق في تسلمها من شأنه المس بحق الأم في الرعاية و السهر على مصالح بناتها"
و بالنسبة للمحكمة الابتدائية للحسيمة ، اعتبرت في الأمر الإستعجالي الصادر عن رئيس المحكمة بتاريخ 28 شتنبر 2005 " إن إهمال الزوج لحقه وواجبه في التوفر على دفتر الحالة المدنية ، يخول للزوجة طبقا للمادة 23 من القانون المتعلق بالحالة المدنية حق استصدار أمر عن رئيس المحكمة في إطار الفصل 148 من قانون المسطرة المدنية للحصول على نسخة من الدفتر العائلي مصادق على مطابقتها للأصل إن كان هذا الأصل موجودا و إلا فلها الحق في تسليم هذا الدفتر العائلي مباشرة من ضابط الحالة المدنية المختص".
إن هذين الحكمين ينمان عن الشجاعة و الاقتناع بالتوجه الإيجابي الذي ينبغي للقاضي المغربي أن يتشبع به إزاء قضايا لم تعد تهم فقط طرفي النزاع المعروض عليه
( الزوجين) ،وإنما لها آثار بليغة وارتباط قوي بمجتمع بكامله. مجتمع يريد له أفراده أن يتبوءوا  المكانة اللائقة بالجنسين معا و بالأطفال أيضا في مرتبة عالية من المساواة و الحق في المواطنة المسؤولة طبعا . و بالرغم  من نذرة مثل هده الأحكام إلا أنها ستكون لا محالة قاطرة نحو تفتح وعي السادة القضاة لنوعية ما ينبغي أن يصدروه من أحكام في مجال الأسرة.         
كما تضفي صبغة القاعدة الراسخة على التصور الصارم للولاية المستفاد من المادة 236 والقائم على خلفية مفهوم القوامة، والذي سعت المدونة، في الواقع وعن حق، إلى تجاوزه.
3ـ ملاحظات: 
الواقع أن موقف المحاكم من الولاية يكرس التمييز والحيف الممارسين ضد المرأة في هذا الباب من خلال:
- التمييز بين مهام الولي وصلاحياته وبين المهام الموكولة إلى الحاضن؛ 
- عدم منح الموافقة للأم على نقل أطفالها من مدرسة إلى أخرى؛
- منع الأم من السفر بالمحضون خارج المغرب ماعدا إذا وافق الأب على ذلك. وقد سجلت الفيدرالية خلال القوافل التي نظمتها في الخارج لفائدة الجالية المغربية حالات نساء لم يستطعن السفر إلى المغرب مع أطفالهن خوفا من منع الأب للأطفال من مغادرة المغرب بعد الحلول به؛
- تصرف الأب في المصالح المالية للأطفال وفي الهبات أو التعويضات الممنوحة لهم في حال استفادتهم من أحكام قضائية بتعويضهم عن أضرار جراء حوادث سير مثلا؛
- تبديد ممتلكات الأطفال وتعويضاتهم من طرف الزوج أو الطليق وحرمان المرأة من مباشرة التصرف فيها رغم أن الأبناء تحت حضانتها ونفقتها؛
- تعطل مصالح الأبناء الإدارية والمدنية وما ينتج عن ذلك من هدر مدرسي والحرمان من متابعة الدراسة خارج أرض الوطن؛
- تصرف الأب في الحساب البنكي المفتوح للأبناء و الذي لا يفتح للأسف إلا في اسم الأب حتى ولو كان مفتوحا ومطعما من قبل الأم؛
  - غل يد المطلقة  في مباشرة عدة مصالح للأبناء مما يعرضها للإبتزاز في التنازل عن حقوقها أو مستحقات أبناءها مقابل توكيل أو إذن صريح من الزوج  .
 ويبقى مشكل ولاية الأم على أبنائها من بين أبرز أوجه الحيف الذي يطال النساء وأطفالهن ويضاعف من معاناتهم اليومية وهذا ما يتضح بجلاء من خلال حالتين وردتا على مركزين من مراكز شبكة الرابطة إنجاد أحد مكونات  فيدرالية الرابطة الديمقراطية لحقوق المرأة، للإشارة فحالتان على سبيل المثال لا حصر:  
  الحالة الأولى: 
سيدة مطلقة من زوج كانت تستقر معه بالديار الإسبانية وأم لثلاث بنات أصغرهن لم تتم سنتها الأولى بعد أما الأخريتين فهما في سن التمدرس تعاني هاته السيدة من حيف كبير يطالها هي وبناتها والمتمثل في كون الطليق يمنع  سفر زوجته السابقة بالمحضونتين للخارج. بحيث أنها لا تستطيع السفر إلا بالطفلة الرضيعة أما الطفلتين الأخريتين فهما لا تستطيعان مغادرة المغرب إلا بإذن الأب الذي يملك هذا الحق باعتباره الوالي مما أدى إلى ضياع حقوق الطفلتين فهما محرومتين من الاستقرار مع والدتهما التي تضطر للسفر لإسبانيا مقر إقامتها كما أنهما محرومتان من التمدرس لأنهما كانتا تدرسان بإسبانيا وبالتالي من الصعب إدماجهما في النظام التعليمي المغربي . إن مثل هاته الحالات تثير مشكلا كبيرا وحيفا ما زال يطال النساء المغربيات في ما يخص التمتع بالحق في الولاية  على الأبناء . حيث أن قانون الأسرة المغربي يميز بين الحقوق التي يتمتع بها الوالي وهو الأب والمهام الموكولة للحاضن وهي الأم بالدرجة الأولى . وبذلك فقد حرمت الأم المطلقة من مباشرة فعلية لحقها في حضانة ابنتيها التي أسندت لها بموجب حكم الطلاق فاستطاع الزوج الطليق بما يتمتع به من ولاية على الأبناء أن يحول دون نفاد حكم قضائي في مجال إسناد الحضانة للزوجة المطلقة . 
الحالة الثانية :  
سيدة ( ف ج) متزوجة وأم لأربعة أطفال قاصرين تعاني من العنف الزوجي  بشتى أنواعه كما انها تعرضت للطرد من بيت الزوجية من طرف زوجها لتضطر للانتقال مع أطفالها من مدينة فاس، مقر بيت الزوجية إلى مدينة الدار البيضاء  المدينة التي يوجد بها بيت أهلها حيث مكثت معهم هي وأطفالها . لكن السيدة (ف ج) عندما رغبت في تسجيل أبناءها للدراسة بمدينة الدار البيضاء لم تستطع الحصول على شواهد المغادرة من المؤسسة التي كان يدرس بها الأبناء بمدينة فاس وخاصة بالنسبة لاثنين من أولادها . مما أدى إلى انقطاع هاذين القاصرين عن الدراسة  وقد بات الأطفال بفعل ما يتمتع به الأب من ولاية على الأبناء ورقة تستعمل في صراع مغلف بغلاف حق الولاية غايته الانتقام والنيل من معنويات المرأة و معاقبتها من خلال ما تعانيه مما يلحق أبنائها من حيف وتضييق أحيانا.
وفي الأخير يمكن القول أن معالجة القضاء لمشكل الولاية وإضفاءه على ولاية الأب المطلقة صبغة القاعدة يبرزان بكل جلاء أنه يصعب المراهنة على القضاء عندما يكون النص نفسه قائما على خلل مركب ويؤكدان أن ثمة حاجة ملحة إلى تعديل النص بما ينسجم وروح المدونة واختياراتها الجوهرية القائمة على العدل والمساواة والمسؤولية المشتركة والمتكافئة بين الزوجين مع مراعاة المصلحة الفضلى للطفل. هذا مع العلم أن دستور يوليوز 2011 قد أوجد مرتكزات جديدة تخدم كل تأويل للنص القانوني بما يتماشى وإعمال مبدأ المساواة ( الفصل 19) وحماية الأسرة ( الفصل 32) ودور القضاء في حماية حقوق الأفراد و الجماعات وحرياتهم وأمنهم القضائي ( الفصل 117)
رت

dimanche 23 août 2015

شرح الاقتراع بالتمثيل النسبي



منقول من موقع  
http://droit-contentieux.blogspot.com/2010/02/blog-post_4041.html

صور أنماط الاقتراع وموقع النظام الانتخابي المغربي.
تجدر الإشارة إلى كون هذه الأساليب تختلف من دولة إلى أخرى، وداخل نفس الدولة باختلاف المعطيات والمبررات الواقعية والسياسية. لكن على العموم يمكن حصر أهم أنواع الإنتخاب في نوعين أو ط
ريقتين أساسيتين وهما، الإقتراع بالأغلبية والإقتراع بالتمثيل النسبي
المطلب الأول: المظهر التقني لأنماط الاقتراع بشكل عام.
يعتبر الاقتراع بالأغلبية من أسهل الطرق الانتخابية و أقدمها، وقد جرى به العمل طويلا في الدول الأوروبية، إلا أنه وقع التخلي عنه لصالح التمثيل النسبي في مجموعة كبيرة من هذه الدول . 


أولا : الاقتراع بالأغلبية :
قد يكون الإقتراع بالأغلبية ، اقتراعا بالأغلبية المطلقة أو بالأغلبية النسبية (الفرع1 ) ، كما قد يكون فرديا (أحاديا أسمي) أو باللائحة ( الفرع 2 ).

1- الاقتراع بالأغلبية المطلقة أو بالأغلبية النسبية
إذا كان المقصود بالاقتراع بالأغلبية هو فوز المرشح الذي حصل على أكبر عدد من الأصوات ، فإن ما يلاحظ هو أن القوانين الإنتخابية تحدد نوعية اغلبية الأصوات ، هل هي أغلبية مطلقة ، أم أغلبية نسبية . ومن هنا نتحدث عن الإقتراع بالأغلبية المطلقة و الإقتراع بالأغلبية النسبية . فالأول يتطلب ضرورة الحصول على نسبة 50% من الأصوات زائد صوت واحد (+1) . أما الثاني فيكفي في إطاره من أجل الفوز، الحصول على أكبر عدد ممكن من الأصوات ولو لم يصل إلى نسبة 50% من الأصوات +1
وقد يكون الإقتراع بالأغلبية المطلقة في دورة واحدة أو في دورتين ، ففي الدورة الأولى يجب أن لا تقل نسبة الأصوات عن الأغلبية المطلقة وفي حالة عدم تحقق ذلك يجب الإلتجاء إلى دورة انتخابية جديدة يتم الإكتفاء في إطارها بالأغلبية النسبية
ولتوضيح ما سبق نسوق المثال التالي:

لنفرض أننا أمام دائرة انتخابية (x )، عدد الناخبين في هذه الدائرة هو 300 ناخب، وعدد المقاعد المخصصة لها مقعد واحد يتنافس عليه ثلاثة مرشحين.
ولنفرض أيضا أن المرشحين الثلاثة حصلوا على الأصوات الآتية :
المرشح الأول: 140 صوت
المرشح الثاني: 100 صوت
المرشح الثالث: 60
إذا كان نمط الإنتخاب المعمول به هو الاقتراع بالأغلبية النسبية ، أو الأغلبية في دورة واحدة ، فإن المرشح الأول في هذا المثال هو الفائز بالمقعد الانتخابي وذلك راجع إلى لحصوله على أكبر عدد من الأصوات بالمقارنة مع المرشحين الآخرين.
أما إذا كان نمط الإنتخاب المعمول به هو الإقتراع بالأغلبية المطلقة ، فإن أيا من المرشحين الثلاثة لم يحصل على نسبة 50% من الأصوات + واحد أي ما مجموعه 151 صوت ، لهذا لا يعلن عن المرشح الفائز ، و إنما يتم إجراء دورة انتخابية ثانية ، ويتم في إطارها الإكتفاء بالأغلبية النسبية ، بمعنى أن المرشح الذي حصل في الدورة الإنتخابية الثانية على أكبر عدد من الأصوات ولو لم يصل إلى نسبة 50 % من الأصوات + 1 يتم إعلانه فائز بالمقعد المتبارى حوله في نفس المثال.

2- الاقتراع الفردي والاقتراع باللائحة
إذا كان الإقتراع بالأغلبية يمكن أن يكون إما بالأغلبية المطلقة أو بالأغلبية النسبية ، فإنه يمكن أن يكون أيضا إما فرديا وإما باللائحة.

- فالإقتراع الفردي أو الأحادي الإسمي ، تتم المنافسة في إطاره بين أشخاص معروفين لدى الهيئة الناخبة، وفي إطار هذا النوع من الاقتراع غالبا ما يتم تقسيم ترتب الدولة ( التقطيع الإنتخابي ) إلى دوائر انتخابية صغيرة ، وغالبا ما تتحكم في عملية التصويت وفي عملية اختيار المنتخبين العلاقات الشخصية والعائلية، والوعود الانتخابية ... ويعتبر دور الأحزاب في هذا النوع من الإقتراع دورا ضعيفا جدا ، لأن المنافسة في إطاره تكون بين الأشخاص لا بين البرامج الحزبية والسياسية.

- أما بالنسبة للإقتراع باللائحة فالمنافسة في إطاره لا تتم بين الأشخاص ، وإنما بين اللوائح والقوائم الإنتخابية التي تضم عددا من المرشحين بعدد المقاعد المخصصة لدائرة انتخابية معينة . فالناخب لا يصوت على مرشح واحد ، بل على لائحة تضم عدة مرشحين في إطار دائرة انتخابية واسعة ، حيث غالبا ما يتم تقسيم تراب الدولة في هذا النوع من الإقتراع إلى دوائر انتخابية كبيرة، وتكون المنافسة في إطاره بين البرامج والأحزاب السياسية لا بين الأشخاص.

ويتحقق الانتخاب حسب اللائحة بطريقتين: الأولى انتخاب كافة المرشحين الذين تضمهم اللائحة الواحدة في الدائرة الانتخابية دون التصرف في اللوائح، وتعرف هذه الطريقة باسم اللائحة المقفلة أو المغلقة Liste bloquée. أما الطريقة الثانية وهي التي تجيز للناخبين اختيار العدد المطلوب من المرشحين من بين الأسماء التي تضمهم مختلف اللوائح الإنتخابية ، وتسمى هذه الطريقة باسم اللائحة المفتوحة Liste ouverte.

ثانيا : الاقتراع بالتمثيل النسبي .
على خلاف الاقتراع بالأغلبية الذي قد يكون فرديا أو باللائحة، فإن الاقتراع بالتمثيل النسبي لا يمكن أن يكون إلا عن طريق اللائحة. والقصد من هذا الأسلوب الانتخابي هو تأمين تمثيل نسبي لجميع الأحزاب التي تخوض المعركة الإنتخابية ، وذلك بمنح كل لائحة حزبية عددا من المقاعد النيابية التي تتناسب وعدد الأصوات التي حصلت عليها . فهذا الأسلوب يقوم على فكرة عادلة حيث يسمح للأقلية بحماية حقوقها، ومشاركتها في تمثيل إرادة الأمة .

وفي إطار هذا الأسلوب تقسم الدولة الى دوائر انتخابية كبيرة ، حيث يقدم كل حزب لائحة تضم عددا من المرشحين بنسبة عدد المقاعد المتبارى عليها . وتوزع المقاعد بنسبة الأصوات التي تحصل عليها القائمة أو اللائحة في الدائرة . ففي إطار الإقتراع اللائحي بالتمثيل النسبي لا تفوز اللائحة الحاصلة على أغلبية الأصوات سواء كانت هذه الأغلبية نسبية أو مطلقة بجميع المقاعد الإنتخابية المتنافس عليها ، بل يتم توزيع تلك المقاعد الإنتخابية انطلاقا من تقنيتين أساسيتين وهما :

التقنية الأولى تتمثل في الحاصل الانتخابي Le quotient électoral وقد يكون محليا وقد يكون وطنيا، ويستخرج الحاصل الإنتخابي المحلي بتقسيم الأصوات المعبر عنها على عدد المقاعد الإنتخابية المتنافس عليها داخل دائرة انتخابية معينة ، أما الحاصل الانتخابي الوطني فيستخرج بقسمة الأصوات المعبر عنها وطنيا على عدد المجموع الإجمالي للمقاعد الإنتخابية.
التقنية الثانية تتجلى في العدد المتساوي حيث يحدد القانون مسبقا عدد الأصوات التي ينبغي الحصول عليها للفوز بمقعد انتخابي.
ومن خلال ما سبق يتضح بأن أسس و أهداف و مبادئ الإقتراع بالتمثيل النسبي، ترمي إلى تمثيل كل الهيئات السياسية داخل المؤسسات ، وخلق نوع من المساواة السياسية بين الأحزاب المتنافسة في العملية الإنتخابية، و قد يكون نمط الاقتراع هذا مرفوقا ومقرونا بأسلوب أكبر البقايا أو بأسلوب أقوى المعدلات.
ولشرح وتفصيل طريقة الإقتراع بالتمثيل النسبي نقدم النموذج التالي :

- لنفرض أننا أمام دائرة انتخابية (X)
- عدد الأصوات المعبر عنها داخل هذه الدائرة هو: 128000
- عدد المقاعد المخصصة لها هو 4
- عدد اللوائح المتنافسة 4
- ولنفرض أيضا أن اللوائح الأربعة المتنافسة حصلت على نسبة الأصوات الآتية:
اللائحة الأولى: 46000
اللائحة الثانية 38000
اللائحة الثالثة 24000
اللائحة الرابعة 20000

أول شيء نقوم به هو احتساب الخارج الإنتخابي الذي يساوي عدد الأصوات المعبر عنها مقسوم على عدد المقاعد، وهو في مثالنا : 128000/4 = 32000 .

وبعد احتساب الخارج الإنتخابي تتم عملية توزيع المقاعد ، وكل لائحة حصلت على عدد من الأصوات مساو للخارج الإنتخابي نمنحها مقعدا وهكذا دواليك إلى حين مليء جميع المقاعد ، ففي مثالنا يكون الأمر على الشكل التالي:
اللائحة الأولى ( 46000 صوت ) = 1 مقعد + 14000 صوت بدون تمثيل
اللائحة الثانية ( 38000 صوت ) = 1 مقعد + 6000 صوت بدون تمثيل
اللائحة الثالثة (24000 صوت ) 0 مقعد + 24000 صوت بدون تمثيل
اللائحة الرابعة ( 20000 صوت ) 0 مقعد + 20000 صوت بدون تمثيل

ففي مثالنا حصلت اللائحة الأولى واللائحة الثانية على مقعد واحد لكل منهما، في حين لم تحصل اللائحتان الثالثة والرابعة على أي مقعد ، كما أن عددا كبير من الأصوات بقي بدون تمثيل، ولتوزيع المقاعد المتبقية نلجأ إلى اعتماد إحدى الطريقتين الآتيتين :
أسلوب التمثيل النسبي المقرون بأكبر البقايا.
أو :
أسلوب التمثيل النسبي المقرون بأقوى المعدلات
1- أسلوب التمثيل النسبي المقرون بأكبر البقايا :

اعتمادا على هذا الأسلوب نقوم بتوزيع المقاعد المتبقية بناءا على عدد الأصوات المتبقية لكل لائحة، ونبدأ بأكبر بقية ثم التي تليها إلى حين توزيع ومليء كل المقاعد. ففي مثالنا السابق يكون الأمر على الشكل التالي :
اللائحة الأولى بقي لها 14000 صوت
اللائحة الثانية بقي لها 6000 صوت
اللائحة الثالثة بقي لها 24000 صوت ( أول أكبر بقية)
اللائحة الرابعة بقي لها 20000 صوت ( ثاني أكبر بقية )

إذن فالمقعد الثالث يكون من نصيب اللائحة الثالثة صاحبة أول أكبر بقية في حين يكون المقعد الرابع من نصيب اللائحة الرابعة صاحب ثاني أكبر بقية. وهكذا تكون النتائج النهائية في مثالنا اعتمادا على طريقة التمثيل النسبي المقرون بأكبر بقية على الشكل التالي:
اللائحة الأولى مقعد واحد
اللائحة الثانية مقعد واحد
اللائحة الثالثة مقعد واحد
اللائحة الرابعة مقعد واحد

2- أسلوب التمثيل النسبي المقرون بأقوى المعدلات.
لتوزيع بقية المقاعد اعتمادا على هذا الأسلوب، نقوم إضافة مقعد وهمي لكل لائحة ، ثم نقوم بقسمة عدد الأصوات التي حصلت عليها كل لائحة على عدد المقاعد الحقيقية زائد ( + ) المقعد الوهمي ، وبعد ذلك نزيل المقاعد الوهمية ونمنح مقعدا إضافيا حقيقيا للائحة التي حصلت على أقوى معدل، ثم نقوم بتكرار العملية مع الأخذ بعين الاعتبار المقعد المضاف سابقا للائحة التي حصلت على أقوى معدل ، وهكذا دواليك إلى حين توزيع كافة المقاعد المخصصة للدائرة الإنتخابية وبالاعتماد على نفس المثال السابق يكون الأمر على الشكل التالي:

أ : إضافة مقعد وهمي
اللائحة الأولى 1 مقعد حقيقي + 1 مقعد وهمي
اللائحة الثانية 1 مقعد حقيقي + 1 مقعد وهمي
اللائحة الثالثة 0 مقعد حقيقي + 1 مقعد وهمي
اللائحة الرابعة 0 مقعد حقيقي + 1 مقعد وهمي

ب: قسمة عدد الأصوات التي حصلت عليها كل لائحة على عدد المقاعد الحقيقية + زائد المقعد الوهمي
اللائحة الأولى 46000/2= 23000
اللائحة الثانية 38000/2 = 19000

اللائحة الثالثة 24000/1 = 24000 ( أول أقوى معدل )
اللائحة الرابعة 20000/1 = 20000

ج: نقوم بإزالة المقعد الوهمي وإضافة مقعد حقيقي للائحة التي حصلت على أقو معدل
حيث سيصبح الأمر على الشكل التالي:
اللائحة الأولى مقعد واحد
اللائحة الثانية مقعد واحد
اللائحة الثالثة مقعد واحد
اللائحة الرابعة صفر مقعد

د : بعد إضافة مقعد حقيقي للائحة الثالثة باعتبارها صاحبة أقوى معدل نكون قد وزعنا ثلاثة مقاعد وبقي مقعد واحد فارغ و لهذا نقوم بنفس العملية السابقة من أجل توزيع كافة المقاعد اعتمادا على تقنية المقعد الوهمي من أجل الحصول على أقوى معدل وذلك على الشكل الآتي

أ : إضافة مقعد وهمي
اللائحة الأولى 1 مقعد حقيقي + 1 مقعد وهمي
اللائحة الثانية 1 مقعد حقيقي + 1 مقعد وهمي
اللائحة الثالثة 1 مقعد حقيقي + 1 مقعد وهمي
اللائحة الرابعة 0 مقعد حقيقي + 1 مقعد وهمي
إعادة القسمة من جديد
اللائحة الأولى 46000/2= 23000 ( أول أقوى معدل )
اللائحة الثانية 38000/2 = 19000
اللائحة الثالثة 24000/2 = 12000
اللائحة الرابعة 20000/1 = 20000

بعد ذلك نقوم بإزالة المقعد الوهمي، مع إضافة مقعد حقيقي للائحة التي حصلت على أقوى معدل حيث ستصبح النتيجة على الشكل التالي:

اللائحة الأولى مقعدان
اللائحة الثانية مقعد واحد
اللائحة الثالثة مقعد واحد
اللائحة الرابعة صفر مقعد
وهكذا نكون قد وزعنا كل المقاعد وتكون اللائحة الأولى قد حازت على مقعدين في حين حصلت اللائحة الثانية والثالثة على مقعد لكل منهما، فيما بقيت اللائحة الرابعة بدون مقعد
وتوضح هذه النتيجة بجلاء الفرق بين أسلوب أقوى المعدلات وأسلوب أكبر البقايا ، فهذا الأخير غالبا ما يكون في صالح الأحزاب السياسية الكبرى ، وغالبا ما يدفع بالهيئات السياسية إلى التكتل في إطار أحلاف سياسية من أجل الحصول على اكبر عدد من المقاعد ، وتجدر الإشارة إلى أن لكل أسلوب من الأساليب السابقة الذكر تأثير كبير على طريقة تشكيل الحكومة واستقرارها .